قدمت القناة السويسرية الأولى الناطقة بالفرنسية TSR يوم الخميس 30-06-2005 برنامجاً عن الحضارة النوبية في السودان وعن ملوك النوبة الفراعنة السود الذين حكموا مصر لعدة قرون من الزمان وقدمت تلك الحلقة التاريخية القيمة من خلال أشهر البرامج التلفزيونية على الساحة الإعلامية برنامج
(Temps Présent ) وقال مقدم البرنامج إريك بوماد Eric Bumad أن الحقيقة التي تجهلها الشعوب وربما شعب وادي النيل نفسه هو أن ملوك النوبة في شمال السودان حكموا المصريين لعدة قرون وأن الحضارة النوبية هي أول حضارة قامت على وجه الأرض وأعرق حضارة شهدها التاريخ. في مدينة كرمة حاضرة النيل وعاصمة أول مملكة في العالم كما أكد عالم الآثار السويسري Archéologie المعروف في القارة الأوربية شارلي بونيه هذه الحقيقة أمام أعين كاميرا التلفزيون السويسري الذي نقل جزء كبير من بقايا الحضارة السودانية. شارلي بونية الذي تكلم من مدينة كرمة ويبدو علية الفخر والإعزاز بهذه الحضارة التي أصبح هو جزء منها حيث مكث في السودان أربعين عاماً وبدأت رحلة شارلي بونيه عندما قدم إلى مصر بعد أن درس علم الآثار في سويسرا ولكن من خلال بحوثه في مصر وجد أن هناك حلقة غائبة في تاريخ الحضارة الفرعونية وأن هناك مرحلة مهمة من مراحل تلك الحضارة مفقودة, ذهب إلى شمال السودان وبدأ يبحث عن أصل الحضارة الفرعونية التي ملئت الدنيا وبعد سنوات طويلة من الصبر و العمل المتواصل توصل شارلي بونيه إلى الحقيقة الغائبة وهي أن أصل الحضارة الفرعونية في السودان وأن فراعنة السودان هم الذين حكموا مصر حتى بلاد فلسطين . تحدث شارلي بونيه عن تلك الحضارة التي مر عليها أكثر من 300 ألف سنة و أكد أن الحضارة الفرعونية في مصر أتت بعد الحضارة النوبية في السودان وأن ملوك النوبة (الفراعنة السود) هم الذين نشروا تلك الحضارة من خلال حكمهم لمصر والذي امتد حتى فلسطين واستمر لقرابة الـ 2500 عام ولكن عندما استجمعت مصر قواها وعافيتها في زمن الفرعون نارمر Narmer وهو أول من أسس أسرة الفراعنة التي حكمت مصر بدأ الفراعنة يفكرون في اجتياح ملوك النوبة في السودان وبعد قرون من الزمان حكم مصر الفرعون بساميتك Psammétique وسيطر على منطقة النوبة ودخل مدينة كرمة ودمر حضارة الفراعنة السود وهدم القلاع والمعابد وتماثيل الفراعنة السود وكان ذلك في عام 664 قبل الميلاد وعرض شارلي بونيه التماثيل التي دمرها المصريون والقلاع والمباني الشاهقة التي كانت أعلى مباني في المنطقة بل وعلى مستوى العالم أنذاك , وكان ارتفاعها حوالي 20 متر مما يؤكد على أن حضارة كرمة كانت أول حضارة في العالم وكانت تسمى تلك المباني العالية في لغة النوبة ب deffufa).)
شكر شارلي بونيه الفريق الذي يعمل معه المكون من فرنسي عمل مسبقاً في الجيش الفرنسي بالجزائر وشاب سويسري ومهندسين سودانيين وخريجة آثار من منطقة كرمة ذكرت أن أباها عمل بالآثار المصرية بمنطقة أبو سمبل جنوب مصر و تحدث شارلي بونيه بإعجاب شديد عن الشعب السوداني وعن التعاون الذي وجده من السودانيين على كل المستويات وقال أنا جئت من بلد محايد وأعمل في مجال الآثار وهو مجال محايد فلذا لدي علاقات متميزة مع كل السودانيين على مختلف مستوياتهم وكرر نفس الكلام عالم الآثار الفرنسي الذي يعمل جنباُ إلى جنب مع شارلي بونيه والذي ظهر على شاشة التلفاز طوال البرنامج وهو يرتدي الجلابية السودانية بإعزاز. زار شارلي بونيه و مجموعته محلية كرمة وقابل المسئولين وتحدث معهم بدون أي حواجز وطلب منهم إنارة المنطقة التي يعمل فيها واستقبلوه وكأنه واحد منهم . بعد أن إكتشف شارلي بونيه تمثال الفرعون ملك النوبة التي حكم مصر عمت الفرحة أرجأ المنطقة خرج أطفال المدارس يحملون العلم السوداني والعلم السويسري في فرحة لا توصف ولافتات كتب عليها (شكراُ شارلي بونيه) حملها أطفال المدارس الصغار وحضر الحفل وزير الداخلية السويسري ورئيس سويسرا لعام 2003 باسكال كوشبا ومعه وزير الداخلية السابق عبد الرحيم محمد حسين وبعض كبار المسئولين الذين ارتسمت الفرحة على وجوههم بتلك المناسبة العظيمة وكان ذلك في ديسمبر الماضي تقريباً. عبر إدريس أحد الذين قضوا سنين طوال في رحلة البحث مع العالم شارليه بونيه عبر عن فرحته يوم وجدوا تمثال الفرعون لأكبر الذي حكم المنطقة حتى فلسطين قال إدريس في هذا اليوم لم أكل قط من الفرحة ولم أنم, وباكتشاف تمثال الفرعون الأكبر تكون رحلة البحث التي امتدت لمدة 40 عاماً تكللت بالنجاح الباهر وبالوقوف عند الحقيقة التي بحث عنها شارلي بونيه وهي أن الحضارة المصرية مستمدة من الحضارة السودانية في أرض النوبة والفراعنة السود في السودان هم الذين سادوا المنطقة قبل ظهور مصر على وجه الحياة . كل هذه المشاهد الحية نقلها تلفزيون سويسرا الناطقة بالفرنسية لمدة 60 دقيقة مما يؤكد على أهمية وحيوية الموضوع