حقيقة مرت على بلاد النوبة حقب منذ ماقبل التاريخ ... وحتى عصرنا الحالى ..
فقد بدأ انسان المنطقة باحثا عن القوة الكونية التى تحميه ويلجأ اليها فى كل أحواله ويناجيه.. كما كل حضارات بلاد الدنيا ..وصار يتعبد بكل ما يعتبره يملك قوة وأثر فى حياته .. بدأ بالشمس والرياح والقمر والحيوانات كالنسر والوالأسد وخلافـه ....ولم يخلوا الأمر من الموحدين .. الذين أختدوا الى ان هناك خالق لهذا الوجود ..
ودعنا نبدأ بعصر الحضارات النوبيـة .. واعتقادهم فى الآلهة الحلية سواء كانوا ملوكا . أو رموزا كالاله رع .. وماطانت تمارس من طقوس وقرابين تقدم لهم فى المناسبات ومنهم من عبد النيل كمصدر للحياة ... وتجذرت هذ الطقوس عبر الأجيال ...قاوموا به الديانات السماوية .. وما فرعون وقصصه عنا ببعيد ..كيف أنه انبرى وتغطرس وقال ( أنا ربكم الأعلى ) ... وجاءت الديانة اليهودية بكل طقوسها وممارساتها وتداخلت مع ما كان موجود من الطقوس الوثنية ... وكذلك أعقبتها المسيحية وأيضا أدخلت ممارسات كهنتها ضمن منظومة الطقوس السائدة ... وبعد أن اسنار الناس بخاتمة الرسالات دين الاسلام أيضا لم تقض كاملة على ماكان سائدا بل أمتزجت معظم شعائرها مع الاعتقادات السائدة لعوامل أهمها :
- تمسك انسان المنطقة النوبية بثقافته القديمة ولغته .. وصعوبة فهم الغة العربية والتحدث بها وهذا الأمر كان سائدا الى عصرنا الحالى.
- عدم الاهتمام الكافى لتعليم الناس أصول اللغة العربية رغم ما بذله المشايخ والخلاوى من جهود .. حيث كانوا يضطرون بشرح أصول الفقه والدين باللغة النوبية لتوصيلها الى المجتمع ..
- أعتبار المنطقة بوابة لكثير من الغزوات والحروب شغلت الناس عن اكمال معلوماتهم عن الدين وأصوله .. حيث كانوا يساقون الى التجييش .. وقد تعددت ثقافات الحملات التى كانت تقاد بواسطة المسيحيين ( الانجليز مثلا) وبينهم كثير من اليهود وخلافهم .. ولم يعيروا اهتماما بالاستقرار فى المنطقة وتثقيف مجتمعها بقدر ما كان همهم التوغل فى بلاد السودان .. وفتح مدنها المختلفة مما سببت موجات من الهجرات الى الداخل خاصة العلماء منهم تلمسا لنشر الدعوة فى أعماق القارة تاركين المجتمع النوبى منشغلا بموروثاته المتعددة .. وممارساتهم التى حضرنا جزءا كبريا منها. وحيث كان الكثير من النوبيين يلجأون هربا من تلك الحملات الى جزرهم حاملين معهم ثقافتهم وأعتقاداتهم ينشرونها جيلا بعد جيل .
وفى العهد القريب جدا وعندما وعينا وتعرفنا الى ما حولنا .. وجدنا أهالينا يمارسون طقوسا كنا نؤمن بها باعتبار محدودية معلوماتنا وباعتبار أن المنطقة مقفولة ...
من العادات الفرعونيـة التى اختلطت بالطقوس الاسلامية ( الشيعية ) بفعل أثر الفاطميين الذين نشروا الاسلام أول الأمر ...
- الطقوس التى كانت تمارس فى مناسبة عاشوراء ... التى كان الناس يخرجون فيها الى النيل حاملين أدوات اللهو مثل الحبال الغليظة ( الألس ) ويشعلونها بالنيران .. ويطاردون بها بعضهم بعضا .. ويرددن ( عشورة فطنن تود هيوبا هيوبا ) ويحملون بعض الطعام مثل الزلابيا وفتة اللبن .. وبعض العقود المنضومة من القرض والحبوب .. ويتجهون بها الى النيل .. يلقون فيها بباكورة الطعام والعقود مناجين ( ماريانتود ) السيد المسيح ( تقليد مسيحى ) ويناجون النيل ويدعون بأسمه ويغتسلون من مائها ..(تقليد فرعونى ) ..
- فى حال المناسبات كانت النساء حديثى الولادة والعرسان و أولاد وبنات الطهور .. يقومون بزيارة بعض الآثار الفرعونية مثل تمثال ( اقجنندى ) عندنا والذى يقال أنه لتحتمس الأول .. ويدورون حولها حاملين القرابين ويضعون النقود على صدره .. وبعضهم ينقر على صدره بحجر ويقبلها ... ويدعون [ان يحفظهم .. معتقدين أن هذا الأمر يدفع الشر عنهم فهو اله ذلك الزمان التذى تواترت حكاياته وكيف كان يمسك بعدوه بين كفيه ويعصره ويحولها الى مايشبه الذبابة . ومن ثم يلقيه ... وكيف أن نبيا وقد يقصدون نبى الله موسى عليه السلام .. قام بضربه بسيف حتى ارداه قتيلا متحولا الى حجر .. وهكذا ..
وأيضا كانوا يلجأؤن الى الرسوم الهيروغلوفية الموجودة على الصخور .. و يقبلونها .. اعتقادا بأن هذه الطقوس تحميهم من ( المشاهرة ) .. أى الأرواح الشريرة ..
- عند خلعنا لأسناننا كنا نحملها ونتجـه الى قرص الشمس ونقو ل ( وو مشانقور منجا فيلاكى .. أقدين نيدتا ديميدا أيقا كج نيدتا دينوس ) بمعن يأيتها الشمس التى تزيغ الأبصار بأشعتها خذ سن النعاج هذ وأعطنى بدلا عنها سنا قويا مثل سن الحمار ) .. وهذه عادة وثنية تعبر عن عبادة الشمس التى كانت سائدة فى العصور الأولى.
- وأيضا حكاية ( الأنقلسرى ) وما كانت تقدم لهم من قرابين كما ذكره أحد المتداخلين .
- وقد سمعت بأذنى جدتى تقرأ فى صلاتها ( أقدينا ميل فقينا ميل ) .. عاقدة نية العبادة وتخلطها بهذه الدعوات معلنة عن جهلها وخضوعها لارادة الله .. وأن يغفر لها ما لاتعلم ويعلمه الرب الكريم ..
- وكذلك طقوس العرس والذهاب بالعريس برفقة ( الدوشا ) المرافق أو الوزير الى الخلاء أو حنما يذهب للأستحمام حاملا سيفه لحمايته من الأرواح الشريرة والحسد.
هكذا امتذجت التقاليد ببعضها .. وأنا أشبه العادات والتقليد بموقد ( السخان الكهربائى ) The Heater الذى يكتسب الحرارة ببطء ويفقدها كذلك ببطء .. وهكذا فأن الجديد من الثقافت كانت تكتسب ببطء وكذلك ما كان موجـودا يتم مزجه وتغييره ببطء شديد أيضا ..
وقد وطد هذا المزج دخول الصوفيــــة بممارساتها المختلفة التى تقارب أحيانا ممارسات المجتمع الموروثة .. ولم ينتبه الناس الى هذه الأمور والمزج القائم فى التقاليد ال بوصول علماء السلفية خاصة ( جماعة أنصار السنة المحمدية ) الذين أشاعوا كثيرا من الوعى بتلك العادات الدخيلة على الاسلام .. وكذلك انتشار التعليم والوعى الثقافى عبر الكثير من المؤثرات كا لهجرات والأغتراب والبأعلام بما فيها المرئى والمسموع .. والفضاء الالكترونى الذى أضاف أيضا كثيرا من السمين والغث .. بيح ث أصبحت جملة الممارسات والطقوس القديمة لا توجد الا فى مخيلة الذين عاصروا تلك الممارسات..